كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: أَوْ يُمْكِنُ سُقُوطُهُ) كَالْقَوَدِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَعْصِي إنْ قَصَدَ بِالْحَلِفِ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ، وَإِنْ امْتَنَعَ مُسْتَحِقُّهُ مِنْ الْعَفْوِ.
(قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الْحِنْثُ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى تَنَاوُلِ الصَّوْمِ فِي الْإِثْبَاتِ لِلصَّوْمِ الْفَاسِدِ إذَا أُضِيفَ إلَى مَا لَا يَقْبَلُهُ.
(قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ قَبْلَهُ) أَيْ: فَيَتَبَيَّنُ عَجْزَهُ عَنْهُ فَلَا حِنْثَ إذْ يُمْكِنُهُ إعْطَاؤُهَا.
(قَوْلُهُ: مِنْ صَدَاقِهَا إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ النَّفَقَةَ مَعَ ذَلِكَ بَاقِيَةٌ فِي ذِمَّتِهِ وَيَتَّضِحُ فَائِدَةُ هَذَا الطَّرِيقِ فِيمَا إذَا حَلَفَ عَلَى عَدَمِ الْإِنْفَاقِ مُدَّةً عَيَّنَهَا فَيُرْتَكَبُ هَذَا الطَّرِيقُ إلَى انْقِضَائِهَا حَتَّى لَا يَحْنَثَ بَقِيَ إذَا طَالَبَتْهُ بِخُصُوصِ النَّفَقَةِ وَامْتَنَعَتْ مِنْ قَبُولِ الْقَرْضِ وَقَبُولِ الصَّدَاقِ أَوْ طَالَبَتْهُ بِهِ أَيْضًا وَكَانَ قَادِرًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ الدَّفْعُ، وَإِنْ حَنِثَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أَقَرَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَعْرَابِيُّ عَلَى قَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَزِيدُ) عَمَّا لَا يُشْرَعُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ غَفْلَةٌ عَمَّا مَرَّ أَنَّهُ يُنْدَبُ إلَخْ) قَدْ يُصَدَّقُ حِينَئِذٍ أَنَّ تَرْكَ الْحِنْثِ أَفْضَلُ فَلَا غَفْلَةَ.
(قَوْلُهُ: إذَا تَعَيَّنَتْ لِلدَّفْعِ عَنْهُ) بِأَنْ عَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إذَا نَكَلَ حَلَفَ خَصْمُهُ، فَإِنْ عَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إذَا نَكَلَ لَا يَحْلِفُ تَخَيَّرَ هُوَ بَيْنَ الْحَلِفِ وَتَرْكِهِ عَلَى حِنْثٍ حَائِزٍ، وَخَرَجَ بِالْحِنْثِ الْيَمِينُ فَلَا يَجُوزُ التَّقْدِيمُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ عَلَى السَّبَبَيْنِ وَمِنْهُ لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَوَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك ثُمَّ نُجِّزَ التَّكْفِيرُ قَبْلَ دُخُولِهَا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تَنْعَقِدْ بَعْدُ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ، وَكَمَا لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى السَّبَبَيْنِ لَا يَجُوزُ مُقَارَنَتُهَا لِلْيَمِينِ حَتَّى لَوْ وَكَّلَ مَنْ يَعْتِقُهُ عَنْهَا مَعَ شُرُوعِهِ فِي الْيَمِينِ لَمْ يَجُزْ بِالِاتِّفَاقِ قَالَهُ الْإِمَامُ شَرْحُ الرَّوْضِ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ فَإِنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ إلَخْ) وَلَوْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ وَاجِبٍ أَوْ تَرْكِ حَرَامٍ أَطَاعَ بِالْيَمِينِ وَعَصَى بِالْحِنْثِ وَعَلَيْهِ بِهِ الْكَفَّارَةُ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: أَوْ يُمْكِنُ سُقُوطُهُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الْكِفَايَةِ لَا عَلَى لَمْ يَتَعَيَّنْ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ الصُّورَةِ الْأُولَى مَسْأَلَتَيْنِ: الْأُولَى الْوَاجِبُ الَّذِي يُمْكِنُ سُقُوطُهُ كَالْقِصَاصِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ سُقُوطُهُ بِالْعَفْوِ، الثَّانِيَةُ الْوَاجِبُ عَلَى الْكِفَايَةِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي عَلَى فُلَانٍ الْمَيِّتِ حَيْثُ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَعْصِي بِهَذَا الْحَلِفِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ) الرُّبَيِّعُ اسْمُ امْرَأَةٍ وَجَبَ عَلَيْهَا ذَلِكَ بِجِنَايَةٍ مِنْهَا. اهـ. ع ش.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَزِمَهُ الْحِنْثُ) اُنْظُرْ مَتَى يَتَحَقَّقُ حِنْثُهُ فِي فِعْلِ الْحَرَامِ هَلْ هُوَ بِالْمَوْتِ أَوْ بِعَزْمِهِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَلَكِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ وَالنَّدَمُ عَلَى الْحَلِفِ لِيَخْلُصَ بِذَلِكَ مِنْ الْإِثْمِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَجِّلَهَا بَعْدَ الْحَلِفِ مُسَارَعَةً لِلْخَيْرِ مَا أَمْكَنَ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ قَبْلَهُ) أَيْ: فَيَتَبَيَّنُ عَجْزُهُ عَنْهُ فَلَا حِنْثَ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: مِنْ صَدَاقِهَا إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ النَّفَقَةَ مَعَ ذَلِكَ بَاقِيَةٌ فِي ذِمَّتِهِ وَتَتَّضِحُ فَائِدَةُ هَذَا الطَّرِيقِ فِيمَا إذَا حَلَفَ عَلَى عَدَمِ الْإِنْفَاقِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَيَرْتَكِبُ هَذَا الطَّرِيقَ إلَى انْقِضَائِهَا حَتَّى لَا يَحْنَثَ، بَقِيَ إذَا طَالَبَتْهُ بِخُصُوصِ النَّفَقَةِ وَامْتَنَعَتْ مِنْ قَبُولِ الْقَرْضِ وَقَبُولِ الصَّدَاقِ، أَوْ طَالَبَتْهُ بِهِ أَيْضًا وَكَانَ قَادِرًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ الدَّفْعُ، وَإِنْ حَنِثَ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سم عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ وَلْيُتَأَمَّلْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ لَيْسَ فِيهِ سُقُوطٌ لِلْوَاجِبِ فَهُوَ مَعَ مَا ذُكِرَ آثِمٌ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ نَعَمْ لَوْ زِيدَ فِي التَّصْوِيرِ إبْرَاؤُهَا مِنْ نَفَقَةِ كُلِّ يَوْمٍ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهَا، وَفِيهِ شَيْءٌ إذْ لَا يَرْفَعُ إثْمَ التَّأْخِيرِ، نَعَمْ إنْ نَذَرَتْ لَهُ بِنَفَقَتِهَا سَقَطَ الْإِثْمُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي كَلَامِهِمْ مَا يَمْنَعُ مِنْهُ فَإِنَّ النَّذْرَ يَصِحُّ بِالْمَعْدُومِ وَيَقْبَلُ الْجَهَالَةَ ثُمَّ رَأَيْت فِي تَعْلِيقَةٍ مَنْسُوبَةٍ لِصَاحِبِ الْمُغْنِي صُورَتَهَا أَقُولُ فِي هَذَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ وَلَوْ أَعْطَاهَا مِنْ صَدَاقِهَا أَوْ أَقْرَضَهَا لَا يَسْقُطُ وُجُوبُ النَّفَقَةِ وَالْإِنْفَاقُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُمَثِّلَ لِذَلِكَ بِنَفَقَةِ الْقَرِيبِ فَإِنَّهُ إذَا أَقْرَضَهُ اسْتَغْنَى فَسَقَطَ وُجُوبُ النَّفَقَةِ، وَقَدْ يُقَالُ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ لَهُ مَنْدُوحَةٌ بِأَنْ يُوَكِّلَ فِي ذَلِكَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَقُولَ: لَا بِنَفْسِي وَلَا بِوَكِيلِي فَلَيْسَ لَهُ مَنْدُوحَةٌ انْتَهَتْ. اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ قَرْضِهَا ثُمَّ إبْرَاؤُهَا) عَطْفٌ عَلَى إعْطَاؤُهَا عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي أَوْ يُقْرِضُهَا ثُمَّ يُبْرِئُهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: كَنَافِلَةٍ) أَيْ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ) إلَى الْفَصْلِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: كَلَا تَأْكُلُهُ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ: وَوَقَعَ إلَى لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَقَرَّ) إلَى قَوْلِهِ كَلَا تَأْكُلُهُ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: عَلَى هَذَا) أَيْ: الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ يَمِينَهُ إلَخْ) وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَى قَوْلِهِ: لَا أَزِيدُ فَكَانَ مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ. اهـ. مُغْنِي عِبَارَةُ سم وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ لَا أَزِيدُ مِمَّا لَا يُشْرَعُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: كَدُخُولِ دَارٍ إلَخْ) مِثَالٌ لِفِعْلٍ مُبَاحٍ، وَقَوْلُهُ: كَلَا تَأْكُلُهُ إلَخْ مِثَالٌ لِتَرْكِهِ فَكَانَ الْأَوْلَى الْعَطْفَ.
(قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ: لَا آكُلُهُ أَنَا.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ غَفْلَةٌ عَمَّا مَرَّ إلَخْ) قَدْ يُصَدَّقُ حِينَئِذٍ أَنَّ تَرْكَ الْحِنْثِ أَفْضَلُ فَلَا غَفْلَةَ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: إبْقَاءً) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ قِيلَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: أَيْ غَيْرُ حَرَامٍ إلَى لِلْخَبَرِ، وَقَوْلُهُ: وَمَرَّ إلَى أَمَّا الصَّوْمُ.
(قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَقْرَبُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ حَلَفَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي كَأَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ أَقَارِبِهِ أَوْ صَدِيقٍ يُكْرَهُ ذَلِكَ فَالْأَفْضَلُ الْحِنْثُ قَطْعًا، وَعَقْدُ الْيَمِينِ عَلَى ذَلِكَ مَكْرُوهٌ بِلَا شَكٍّ، وَكَذَا حُكْمُ الْأَكْلِ وَاللُّبْسِ.
تَنْبِيهٌ:
قَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تُغَيِّرُ حَالَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَمَّا كَانَ وُجُوبًا وَتَحْرِيمًا وَنَدْبًا وَكَرَاهَةً وَإِبَاحَةً، لَكِنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ فِي الْمُبَاحِ: الْأَفْضَلُ تَرْكُ الْحِنْثِ فِيهِ تَغْيِيرٌ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ؛ وَلِذَلِكَ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ أَنَّ فِيهِ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْحِنْثِ وَعَدَمِهِ فَيَكُونُ جَارِيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَصْلًا لَا عَلَى الْمُدَّعِي وَلَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَأَنْكَرَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ وَقَالَ: إذَا كَانَ الْمُدَّعِي كَاذِبًا فِي دَعْوَاهُ وَكَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مِمَّا لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ كَالدِّمَاءِ وَالْأَبْضَاعِ فَإِنْ عَلِمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ خَصْمَهُ لَا يَحْلِفُ إذَا نَكَلَ فَيُخَيَّرُ إنْ شَاءَ حَلَفَ، وَإِنْ شَاءَ نَكَلَ، وَإِنْ عَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَحْلِفُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَلِفُ فَإِنْ كَانَ يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ وَعَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فَيَتَخَيَّرُ أَيْضًا وَإِلَّا فَاَلَّذِي أَدَّاهُ وُجُوبُ الْحَلِفِ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ كَذِبِ الْخَصْمِ. اهـ.
وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِلدَّفْعِ عَنْهُ) بِأَنْ عَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إذَا نَكَلَ حَلَّفَ خَصْمَهُ فَإِنْ عَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إذَا نَكَلَ لَا يَحْلِفُ تَخَيَّرَ هُوَ بَيْنَ الْحَلِفِ وَتَرْكِهِ سم.
(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَهُوَ أَيْ: مَا قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ تَرْكِ الْحَلِفِ وَالتَّحْلِيفِ وَرَفْعِ الْمُطَالَبَةِ، وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْأَوْجَهَ فِي الْأَخِيرِ عَدَمُ الْوُجُوبِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ تَعَيُّنِهِ. اهـ.
وَلْيُتَأَمَّلْ حَاصِلُ مَا فِيهَا ثُمَّ الَّذِي يَظْهَرُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ طَبَقَاتِ النَّاسِ فَمَنْ يَسْتَشْعِرُ مِنْ نَفْسِهِ طِيبَتَهَا بِالْإِبَاحَةِ وَالْإِسْقَاطِ بَاطِنًا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ وَإِلَّا وَجَبَ تَخْلِيصًا لِلْغَرِيمِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ إذْ لَا يَحِلُّ بَاطِنًا إلَّا مَعَ طِيبَةِ النَّفْسِ كَالْمَدْفُوعِ لِفَقِيرٍ لِنَحْوِ حَيَاءٍ انْتَهَى. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ.
(وَلَهُ) أَيْ: الْحَالِفِ بَعْدَ الْيَمِينِ (تَقْدِيمُ كَفَّارَةٍ بِغَيْرِ صَوْمٍ عَلَى حِنْثٍ جَائِزٍ) أَيْ: غَيْرِ حَرَامٍ.
لِيَشْمَلَ الْأَقْسَامَ الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِك ثُمَّ ائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ»؛ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهَا الْيَمِينُ وَالْحِنْثُ جَمِيعًا، وَالتَّقْدِيمُ عَلَى أَحَدِ السَّبَبَيْنِ جَائِزٌ كَمَا مَرَّ آخِرَ الزَّكَاةِ، نَعَمْ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهَا عَنْهُمَا خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَمَرَّ أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى مُمْتَنِعِ الْبِرِّ يُكَفِّرُ حَالًا بِخِلَافِهِ عَلَى مُمْكِنِهِ، فَإِنَّ وَقْتَ الْكَفَّارَةِ فِيهِ يَدْخُلُ بِالْحِنْثِ، أَمَّا الصَّوْمُ فَيَمْتَنِعُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْحِنْثِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ (قِيلَ وَ) عَلَى حِنْثٍ (حَرَامٍ قُلْت هَذَا أَصَحُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)، فَلَوْ حَلَفَ لَا يَزْنِي فَكَفَّرَ ثُمَّ زَنَى لَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ أُخْرَى؛ لِأَنَّ الْحَظْرَ فِي الْفِعْلِ لَيْسَ مِنْ حَيْثُ الْيَمِينُ لِحُرْمَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا، فَالتَّكْفِيرُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ اسْتِبَاحَةٌ وَشَرْطُ إجْزَاءِ الْعِتْقِ الْمُعَجَّلِ كَفَّارَةُ بَقَاءِ الْعَبْدِ حَيًّا مُسْلِمًا إلَى الْحِنْثِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ، لَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الْمُعَجَّلِ إلَى الْحَوْلِ، قِيلَ: فَيُحْتَاجُ لِلْفَرْقِ. اهـ.
وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ ثَمَّ شُرَكَاءُ لِلْمَالِكِ وَقَدْ قَبَضُوا حَقَّهُمْ، وَبِهِ يَزُولُ تَعَلُّقُهُمْ بِالْمَالِ نَاجِزًا، وَإِنْ تَلِفَ قَبْلَ الْحَوْلِ؛ لِأَنَّهُمْ عِنْدَهُ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ تَعَلُّقٌ، وَأَمَّا هُنَا فَالْوَاجِبُ فِي الذِّمَّةِ وَهِيَ لَا تَبْرَأُ عَنْهُ إلَّا بِنَحْوِ قَبْضٍ صَحِيحٍ، فَإِذَا مَاتَ الْعَتِيقُ أَوْ ارْتَدَّ بَانَ بِالْحِنْثِ الْمُوجِبِ لِلْكَفَّارَةِ بَقَاءُ الْحَقِّ فِي الذِّمَّةِ، وَأَنَّهَا لَمْ تَبْرَأْ عَنْهُ بِمَا سَبَقَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَمْ يَتَّصِلْ بِمُسْتَحِقِّهِ وَقْتَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، وَلَوْ قَدَّمَهَا وَلَمْ يَحْنَثْ اسْتَرْجَعَ كَالزَّكَاةِ أَيْ: إنْ شَرَطَ أَوْ عَلِمَ الْقَابِضُ التَّعْجِيلَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ الْبَغَوِيّ: وَلَوْ أَعْتَقَ ثُمَّ مَاتَ أَيْ: مَثَلًا قَبْلَ حِنْثِهِ وَقَعَ الْعِتْقُ تَطَوُّعًا؛ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِرْجَاعِ فِيهِ أَيْ: لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَقَعْ هُنَا حِنْثٌ بَانَ أَنَّ الْعِتْقَ تَطَوُّعٌ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: لِيَشْمَلَ الْأَقْسَامَ الْخَمْسَةَ) كَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْخَمْسَةِ: الْوَاجِبَ وَالْمَنْدُوبَ وَالْمُبَاحَ وَالْمَكْرُوهَ وَخِلَافَ الْأَوْلَى، وَمَعْنَى الْبَاقِيَةِ أَيْ: بَعْدَ الْحَرَامِ.
(قَوْلُهُ: وَشَرْطُ إجْزَاءِ الْعِتْقِ الْمُعَجَّلِ إلَخْ) هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الطَّعَامَ أَوْ الْكُسْوَةَ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ وَقْتَ الْوُجُوبِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الزَّكَاةِ الْمُعَجَّلَةِ.
(قَوْلُهُ: إجْزَاءِ الْعِتْقِ الْمُعَجَّلِ) أَخْرَجَ الْكُسْوَةَ وَالْإِطْعَامَ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُعْتَقُ بِفَتْحِ التَّاءِ عَنْ الْكَفَّارَةِ أَوْ مَاتَ أَوْ تَعَيَّبَ بَعْدَ الْيَمِينِ قَبْلَ الْحِنْثِ لَمْ يَجْزِهِ عَنْهَا كَمَا لَوْ عَجَّلَ عَنْ الزَّكَاةِ فَارْتَدَّ الْآخِذُ لَهَا أَوْ مَاتَ أَوْ اسْتَغْنَى قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ. اهـ.
فَلْيُتَأَمَّلْ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مَعَ ذَلِكَ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ بِهِ فَإِنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ فِي نَفْسِ الْمُعَجَّلِ وَهَذَا الْكَلَامُ فِي الْآخِذِ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ إلَخْ) يَنْبَغِي تَأَمُّلُ هَذَا الْفَرْقِ فَإِنَّ حَقَّ الْمُسْتَحِقِّينَ إنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَقَبْلَ تَمَامِهِ لَا حَقَّ وَلَا شَرِكَةَ فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّهُمْ قَبْلَ تَمَامِهِ قَبَضُوا حَقَّهُمْ وَزَالَ تَعَلُّقُهُمْ بِآخَرَ أَوْ أَنَّهُمْ عِنْدَهُ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ تَعَلُّقٌ.
(قَوْلُهُ: فَالْوَاجِبُ فِي الذِّمَّةِ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْعِتْقِ وَالْإِطْعَامِ وَالْكُسْوَةِ مَعَ أَنَّ تَقْيِيدَهُ بِالْعِتْقِ يُخْرِجُ غَيْرَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ: إلَّا بِنَحْوِ: قَبْضٍ صَحِيحٍ، قَدْ يُقَالُ: الْقَبْضُ صَحِيحٌ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ بَقِيَ الْمَقْبُوضُ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّ مَا لَمْ يَصِحَّ لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا.